تقديراً من المشرع لأهمية الشيك كأداة للوفاء تقوم مقام النقود فى الوفاء  فقد تدخل بالنص فى المادة 337 عقوبات على أن بالعقوبات المقررة لجريمة النصب وقد اشترط لوقوع الجريمة توافر أركان ثلاثة هى :

إصدار شيك  – انتفاء مقابل الوفاء ( عدم وجود رصيد ) – القصد الجنائى

أولاً : اصدار الشيك :-

يجب التمييز بين انشاء الشيك واصداره فانشاء الشيك هو كتابة الصك أما اصداره فيعنى طرحه للتداول بتسليمه للمستفيد وبه يتحقق الركن الاول من جريمة المادة 337 .

وقد قضت محكممة النقض بانه من المقرر أن جريمة اعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد اعطاء الشيك الى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب فى تاريخ الاستحقاق  اذ يتم ذلك طرح الشيك فى التداول  فتعطف عليه الحماية القانونية التى أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود فى المعاملات .

( الطعن 2011 لسنة 32 ق – جلسة 17/12/62 س 13 ص 846)

( الطعن 762 لسنة 50 ق جلسة 27/11/80 س 31 ق 202 ص 1048 )

كما قضت بان الاصل أن اعطاء الشيك بتسليمه للمستفيد انما يكون على وجه يتخلى فيه الساحب نهائياً عن حيازته بحيث تنصرف ارادة الساحب الى التخلى عن حيازة الشيك فاذا انتفت الارادة لسرقة الشيك من الساحب أو فقده له أو تزويره عليه انهار الركن المادى للجريمة وهو فعل الاعطاء .

( الطعن 1839 لسنة 40 ق – جلسة 1/3/71 س 22 ق 44 ص 183 )

ومن ثم فلا عقاب الا على اصدار شيك بدون رصيد  ومن ثم لاعقاب على تظهير شيك ليس له رصيد ولو كان المظهر يلم بذلك .

ثانياً : انتفاء مقابل الوفاء :-

ينتفى مقابل الوفاء بالشيك أى لأيكون له رصيد وقد حددت المادة 337 عقوبات صور مقابل عدم الوفاء وهى

-عدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب وقت اصدار الشيك

-عدم كفاية الرصيد

-استرداد الرصيد كله أو بعضه

-حبس الرصيد ( أمر الساحب بعدم الدفع )

ونعرض هنا لحالتى ضياع الشيك أو تفليس حامله ويعد فى حكم الضياع السرقة أو الحصول على الشيك بالتهديد ( 148 من القانون التجارى )  أو الحصول على الشيك عن طريق النصب .

وقد قضت محكمة النقض بان من المقرر أن ضياع الشيك أو سرقته من الأسباب التى تخول للساحب المعارضة فى صرف قيمته اذا ما أتاها بنية سليمة صيانة لماله مما يتعين على المحكمة تحقيقه قبل الحكم بادانة المتهم  اذ هو دفاع جوهرى من شأنه أن صح ان يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فاذا التفتت عنه بلا مبرر كان قضاؤها معيبا ومنطويا على اخلال بحق الدفاع

( طعن 80/35 ق – جلسة 24/5/65 س 16 ص 501 )

كما قضت بان تفليس حامل الشيك من الاسباب التى تخول للساحب المعارضة فى صرف قيمته بغير حاجة الى دعوى ولذا أضحى الأمر بعدم الدفع فى هذا النطاق – المؤثم بالمادة 337 عقوبات – قيدا واردا على نص من نصوص التجريم  وتوافرت له بذلك مقومات اسباب الاباحة لاستناده اذا مصادر بنية سليمة الى حق مقرر بمقتضى القانون .

( الطعن 1774 لسنة 35 ق – حلسة 7/3/66 س 17 ق 44 ص 230 )

وقضت كذلك بان الأصل أن سحب الشيك أو تسليمه للمسحوب له يعتبر كالوفاء الحاصل بالنقود بحيث لايجوز للساحب ان يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به الا أن ثمة قيد يرد على هذا الاصل هو المستفاد من الجمع بين حكمى المادة (60 ) من قانون العقوبات والمادة 148 من قانون التجارة التى جرى نصها  لاتقبل المعارضة فى دفع الكمبيالة الا فى حالتى ضياعها أو تفليس حاملها فيباح للساحب أن يتخذ من جانبه اجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب فى تلك الحال على حق المستفيد وهو مالا يصدق على الحقوق الاخرى التى لابد لحمايتها من دعوى .

( الطعن رقم 1337 لسنة 46 ق – جلسة 21/3/77 س 28 ق 81 ص 378)

من المسلم به انه يدخل فى حكم الضياع والسرقة والحصول على الورقة بطريق التهديد وحالتى تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب من حيث حق المعارضة فى الوفاء بقيمته فهى بها أشبه على تقدير انها جميعا من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة هذا القيد لايمس الأصل الذى جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى تطبيق احكام المادة 337 من قانون العقوبات وانما يضع استثناء يقوم على سبب الاباحة فمجال الاخذ بهذا الاستثناء أن يكون الشيك قد وجد فى التداول عن طريق جريمة من جرائم سلب المال سالفة الذكر ومن ثم فلا قيام له فى حالة اصدار الشيك مقابل ثمن لصفقة مهما وجد بها من عيوب تجارية لأن الأمر لايرقى الى جريمة النصب بل هو لايعدو اخلالاً من المستفيد بالالتزام الذى سحب الشيك بناءاً عليه .

( الطعن السابق )

 وقد قضت المادة ( 511 ) من مشروع القانون التجارى 1997 بان  :

1- تسرى فى حالة ضياع الشيك لآمر الاحكام المنصوص عليها فى المواد من 433 الى 436

2- ينقضى التزام الكفيل الذى يقدم فى حالة ضياع الشيك لأمر بمضى ستة أشهر اذا لم تحصل خلالها مطالبة أو دعوى .

3- اذا ضاع شيك لحامله أو هلك جاز لمالكه أن يعارض لدى المسحوب عليه فى الوفاء بقيمته ويجب أن تشتمل المعارضة على رقم الشيك ومبلغه واسم صاحبه وكل بيان آخر يساعد على التعرف عليه والظروف التى أحاطت بفقده أو هلاكه واذا تعذر تقديم بعض هذه البيانات وجب ذكر أسباب ذلك واذا لم يكن للمعارض موطن فى مصر وجب أن يعين له موطنا مختار له .

ومتى تلقى المسحوب عليه المعارضة وجب عليه الامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك لحائزه وتجنيب مقابل وفاء الشيك الى أن يفصل فى أمره .

وقضت المادة 513على انه :-

” 1- يجوز لحائز الشيك لحامله فى حالة ضياعه أن ينازع لدى المسحوب عليه فى المعارضة التى قدمت لمنع الوفاء به  وعلى المسحوب عليه أن يؤشرعلى الشيك بحصول المعارضة والاحتفاظ بصورة منه ثم يخطر المعارض باسم حائز اليك وعنوانه .

2- وعلى حائز الشيك اخطار المعارض بكتاب مسجل بعلم الوصول بوجوب رفع دعوى استحقاق الشيك خلال ثلاثون يوماً من تاريخ تسلمه الاخطار ويشتمل الاخطار على أسباب حيازة الشيك وتاريخها .

3- واذا لم يرفع المعارض دعوى الاستحقاق خلال الميعاد المنصوص عليه فى الفقرة السابقة تعين على قاضى الامور المسعجلة بناءا على طلب حائز الشيك أن يقضى بشطب المعارضة وفى هذه الحالة يعتبر حائز الشيك بالنسبة الى المسحوب عليه مالكه الشرعى .

4- واذا رفع المعارض دعوى استحقاق الشيك فلا يجوز للمسحوب عليه ان يدفع قيمته الا لمن يتقدم له من الخصمين بحكم نهائى بملكية الشيك أو بتسوية ودية مصدق عليها من الطرفين تقر له بالملكية .”

 وقضت المادة 514 على انه :-

” 1- اذا انقضت ستة أشهر من تاريخ المعارضة المنصوص عليها فى المادة 512 دون أن يتقدم حائز الشيك للمطالبة بالوفاء جاز للمعارض أن يطلب من المحكمة الاذن له بقبض مبلغ الشيك  ويصدر هذا الحكم فى مواجهة المسحوب عليه بعد أن تتحقق المحكمة من ملكية المعارض للشيك .

2- واذا لم يرفع المعارض الدعوى المشار اليها فى الفقرة السابقة  أو قدمها ورفضتها المحكمة وجب على المسحوب عليه أن يعيد قيد مقابل الوفاء فى جانب الاصول من حساب الساحب

وكنا قد عرضنا من قبل لحالة الاكراه أو الضرورة و يعتبر الحجز على الحساب أو وضع الساحب تحت التحفظ قوة قاهرة تؤدى الى انعدام المسئولية الجنائية .

قضت محكمة النقض بان الامر بوضع أرصدة شركات الأدوية والكمياويات والمستلزمات الطبية تحت التحفظ عملا بأحكام القانون رقم 212 لسنة 1961  يوفر فى صحيح القانون قوة قاهرة يترتب على قيامها انعدام مسئولية المتهمين الجنائية عن الجريمة المنصوص عليها فى المادة 337 عقوبات التى تقع خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون سالف الذكرحتى تاريخ الافراج عن أموال الشركات .

( طعن 1009 لسنة 33 ق – جلسة 16/12/63 س 14 ص 935 )

كما قضت بان سوء النية فى جريمة اصدار شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له  فى تاريخ اصداره وهو علم مفترض فى حق الساحب بل وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه  فإنه لايجدى المتهم الدفاع بتوقيع الحجز بتاريخ    /    /     200 قبل تاريخ اصدار الشيكين  ذلك بأنه كان عالما وقت اصدارهما أن قيمتهما لن تصرف نتيجة الحجز ويكن قصده الجنائى عن جريمة اعطاء شيكين لايقابلهما رصيد … ثابتا فى حقه مما تتوافر معه أركان الجريمة المسندة اليه.

( طعن 1966 لسنة 49 ق جلسة 22/12/80 س 31 ق 214 ص 1107 )

  وقد قضت المادة 507 من مشروع القانون التجارى على انه :-

” 1- لاتقبل المعارضة فى وفاء الشيك الا فى حالة ضياعه أو افلاس حامله أو الحجر عليه

2- واذا حصلت المعارضة على الرغم من هذا الحظر لأسباب اخرى تعين على محكمة الامور المستعجلة بناءا على طلب الحامل أن تقضى بشطب المعارضة ولو فى حالة قيام دعوى أصلية

ثالثا : القصد الجنائى :-

يمثل الركن المعنوى للجريمة وهو قصد جنائى عام يتحقق سوء النية بمجرد علم الساحب بأنه وقت اصدار الشيك لم يكن له مقابل وفاء أو أنه أقل من قيمة الشيك أو أن يسترده أو أن يصدر أمره بعدم الدفع  ولا عبرة بالأسباب أو الدوافع أو البواعث التى لاتأثير لها على قيام المسئولية الجنائية .

وقد قضت محكمة النقض بان القصد الجنائى فى هذه الجريمة هو القصد الجنائى العام والذى يكفى فيه علم من أصدره بأنه انما يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذى أصدره من قبل – فلا يستلزم فيها قصد جنائى خاص

( الطعن رقم 1337 لسنة 46 ق – جلسة 21/3/77 س 28 ق 81 ص 378)